الاثنين، 19 ديسمبر 2011

مقال نقدى
دولة الفيس بوك العظمى

دعاء احمد



هي قصة لدولة عظمى المتحدة فقط بل أنها تنعم بتعددية ثقافية ولغوية وعرقية لا يمكن مقارنتها بأي دولة أو إمبراطورية عرفها التاريخ الإنساني.

إنه موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيس بوك الذي وصل عدد مشتركيه النشطين، مؤخراً، إلى 500 مليون شخص. وتقدم قصة نجاح الفيس بوك وتحوله إلى ظاهرة اجتماعية وسياسية وثقافية دليلا على الدور المتعاظم الذي تلعبه ثوره الاتصالات في عالمنا العاصر.
ربما لم يكن مارك زوكربرك ورفاقه من طلاب كلية علوم الحاسب الآلي بجامعة هارفارد الأمريكية يدركون أن الشبكة الاجتماعية التي أسسوها عام 2004 لطلبة الجامعة العريقة ستتحول إلى ظاهرة اجتماعية انتقلت من الجامعات والمدارس الأمريكية إلى العالم أجمع.

، فإن الفيس بوك تمكن أيضا من ربط التكنولوجيا بالسياسة. وهكذا أصبح الفيس بوك مقصدا للعديد من المشتركين الذين وجدوا فيه متنفسا للتعبير عن آرائهم السياسية التي أحيانا لا يستطيعون الجهر بها. ولم تتوقف العلاقة بين الفيس بوك وعالم السياسة على كونه أداة للتعبير بل أنه تحول إلى أداة من أدوات العمل السياسي بحيث صار وسيلة لحشد الجماهير والتحركات المعارضة خاصة في البلدان التي تعاني من ضيق هامش الحرية وتعثر الحياة الديمقراطية ودخلت القاموس السياسي مصطلحات جديدة مثل الناشط الالكتروني.

وأصبح لشبكات التواصل الاجتماعي دورا هاما في العديد من حركات المعارضة والعصيان في دول العالم الثالث مثلما حدث في مصر وإيران. لكن حرية التعبير التي توفرها التقنية الحديثة ستتعرض لنكبة مع قيام دول مثل سوريا وإيران بحجب موقع الفيس بوك على مواطنيها.

الثقافة للجميع

ولم تختف الثقافة بمعناها الواسع عن عالم الفيس بوك. حيث أمتلأت جنباته بصفحات ومجموعات الكترونية (جروب) تنتاقش العديد من المواضيع المختلفة كالجنس والعنوسة واللغة والمساواة بين الجنسين والموقف من المثلية الجنسية والإلحاد والجدل بين أهل الديانات المختلفة وهي المواضيع التي كان من الصعب مناقشتها. وهكذا يحسب للفيس بوك أنه فتح أبواب الثقافة بمعناها العام أمام الكثير من المشاركين الذين لم يكونوا من عشاق ومريدي الكتاب أو الكلمة المطبوعة. لكن في الوقت نفسه فإن ما ينشر على الفيس بوك تنقصه الدقة والجدية الموجودة في الكتب والمجلات المطبوعة.

ومثلما كانت الأمانة العلمية غائبة في بعض ما ينشر ويتداول في الفيس البوك فإن الأمانة والصدق يغيبان في الكثير من الأحيان عن العلاقات العاطفية التي تنشأ عن طريقه. حيث يمنح عدم وجود اتصال مباشر بين العاشقين الإلكترونيين فرصة للمبالغة أحيانا والادعاء أحيانا أخرى.

كما نال الفيس بوك نصيبه من الهوس الرياضي، حيث يتبارز المشجعون في نشر أخبار فرقهم المفضلة وإضافة مقاطع الفيديو التي كثيراً ما تزيد من التوتر مع أنصار الفرق المنافسة.


كذلك فإن الفيس بوك وإن كان يقدم فرصة للأصدقاء لمعرفة أخبار أصدقائهم وتبادل الحديث معهم فإنه لا يوفر بديلا عن الدفء المصاحب لاجتماع الأصدقاء ببعضهم البعض. كما أنه أصبح يمثل نوعا من الإدمان لبعض مستخدميه بحيث يصعب عليهم التخلي عنه ولو ليوم واحد. وهكذا صار من المألوف رؤية البعض يقضي إجازته على الشاطئ دون أن يتخلى عن حاسبه الشخصي حتى يتابع ما يحدث على الفيس بوك.

وهو سلاح ذو حدين والمستخدم هو المتحكم فى السلاح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق