الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

"678 نموذج السينما المصرية البناءة "

"678" هو اول فيلم يعالج قضية التحرش الجنسي ضد المرأة في السينما المصرية في جرأة غير مسبوقة ولكنها محمودة يحاول الفيلم أن يكشف أبعاد هذا الخلل الاجتماعي الخطير والذي انتشر بشدة في المجتمع المصري .
تبدأ احداث الفيلم لنري بعض الناس يركبون أتوبيس يحمل رقم "678"ويتحرك لتظهر سيدة تدعي فايزة أو (بشري )
امرأة محجبة من الطبقة تحت المتوسطة لم تلحق به وتستأجر (تاكسي) لكي تذهب لعملها كموظفة في الشهر العقاري ,وبعد نهاية يوم العمل تحاول ان توقف (تاكسي ) ولكن لا تستطيع لعدم توفر المال الكافي لديها فتضطر الي ركوب الأتوبيس , فتتعرض للتحرش بداخله وتصل الي بيتها فتظهر ملامح المعاناة النفسية والاجتماعية نتيجة لما تعرضت له .
حتي علمت ان سيدة تسمي (صبا) (نيلي كريم) تعطي (كورس) للسيدات في كيفية الدفاع عن انفسهم ضد التحرش ثم تكشف أحداث الفيلم أنها هي نفسها قد تعرضت للتحرش, أثناء وجودها مع زوجها وسط الجماهير المحتفلة في الشوارع بفوز المنتخب المصري, ولم يستطيع زوجها حمايتها بسبب الزحام الشديد .
فتذهب فايزة لهذا "الكورس" الذي لا تتعدي مدته يوم واحد والذي فيه صبا علي تغيير الطبيعة النفسية للمرأة التي تتعرض للتحرش ولا تجرء علي الدفاع عن نفسها , الي ان تظهر (نيلي رشدي)(ناهد السباعي) 22عام موظفة لخدمة العملاء في احدي شركات الهاتف والتي تتعرض للتحرش اثناء عودتها الي المنزل حيث تمر سيارة نقل فيمسك السائق بتلابيب ملابسها وهو يقود السيارة فتصرخ وتستغيث الي ان يتركها فتسقط علي الارض وهي تحاول النهوض ترمقه يرسل قبلة في الهواء مما زادها غضبا فقامت مسرعة تجري خلف السيارة الي ان وصلت اليه ونجحت في الامساك به هي ووالدتها التي نزلت لتخليصها وأخذوا المتحرش الي نقطة الشرطة حيث رفض الشرطي عمل محضر للتحرش وأخبرهم ان عليهم الذهاب الي قسم الشرطة فذهبوا للقسم ومعهم المتهم وحرروا المحضر ورفعت دعوة قضائية ضد المتحرش .
ثم تتوالي احداث الفيلم ليدور حوار بين صبا وفايزة حول جدوي حضورها (للكورس) فتوكد لها صبا انها لا تحتاج له لتدافع عن نفسها وانها اذا ارادت ذلك ستفعل ولو بدبوس حجابها, وهذا ما قامت به بالفعل ,حيث استخدمت للدفاع عن نفسها , ثم تحول الدبوس الي مدية تطعن بها كل من يتحرش بها ليصل الامر الي الشرطة فتتوقف عن ذلك الي ان تذهب نيلي الي (الكورس) لتنضم اليه بعد ان وقعت عليها ضغوط للتنازل عن القضية فتخبرها صبا بما فعلته فايزة فيذهبا اليها ليخبراها انهما تريدن أن يفعلا مثلما فعلت حتي لا يمر الوقت وينسي الناس ما حدث وتعود الامور كما كانت رفضت فايزة الامر في البداية ثم وافقت ولكنهم فشلوا في فعل ذلك.
تتوالي احداث الفيلم فيستدعيهم ضابط الشرطة المكلف بالتحقيق في حوادث الطعن السابقة (ماجد الكدواني) وهددهم باتخاذ اجراءات صارمة ضد اي منهم اذا تكررت حوادث الطعن مرة اخري الي ان قامت صبا بطعن متحرش في الاتوبيس لنكتشف انه زوج فايزة (باسم سمرة )وقامت بتسليم نفسها للضابط الذي تغير موقفه تجاه الامر واطلق سراحها ورفض القبض عليها وذلك بسبب انجابه لطفلة وشعوره بمعاناة ابطال الفيلم , ثم ينتهي الفيلم بمشهد للمحكمة منعقدة فيها جلسة للدعوي التي رفعتها نيلي ضد المتحرش حيث أعلنت رفضها للتنازل عن القضية فتظهر معالم الفرح والارتياح علي كل من صبا وفايزة .
لقد لاقي الفيلم اقبال جماهيري عالي منذ أول اسبوع عرض له حيث وصلت ايراداته الي مليون و760 الف جنيه مصري ,وعلي مستوي المهرجانات فقد حصد العديد من الجوائز في مهرجانات خريبكة وسيدني وتاور مينا وسلا.
وعرض في عشر دول من دول العالم منها فرنسا واسبانيا والبرتغال والدنمارك والنرويج والسويد والبرازيل .
وقد استوحي مؤلف الفيلم ومخرجه محمد دياب أحداث الفيلم من قصص حقيقية من أشهرها قصة "نهي رشدي " صاحبة اول قضية تحرش في مصر .
ان اهم ما في الفيلم هو القضية التي يتناولها وأري ان اهمية هذه القضية تعد عنصر كافي لنجاح الفيلم وحصوله علي الدعم الجماهيري حيث يمثل هذا الفيلم نموذجا لسينما لم نتعود علي رؤيتها في مصر سينما تقترب من الناس وتمثلهم وتمس قضاياهم وتبتعد عن الشكل التقليدي للسينما المصرية التي تناقش قضايا تميل الي السطحية والتي تمثل وسط اجتماعي في أغلب الأحوال يبتعد عن المستوي الاجتماعي والاقتصادي لغالبية الشعب المصري فكثيرا ما تعرض قصص صراع بين أصحاب الأموال أو قصص مكررة ومستهلكة
ولكن عند مشاهدتك ل "678" تجد يعبر عن مجتمع خبرناه أنا وأنت بحق وعلي المستوي الفني والحرفي قدم الفيلم دراما ناجحة تثير فضول المشاهد وتجذب انتباهه وتحتفظ به حتي نهاية الفيلم ذلك برغم من الصعوبة التي واجهت المخرج في الربط بين الشخصيات .
وعلي المستوي الانساني قدم الفيلم دراما مؤثرة تبتعد عن الصبغة التجارية المتمثلة في تكديس مشاهد الجنس والعنف ويبدو ان ظهور هذا الفيلم جذب الانتباه الي الجزء الذي يعاني من الفراغ في السينما المصرية والذي يمثل السينما الجادة و الواقعية و التي اتمني ان تمتلئ عن قريب





بقلم: الهام محمود عبد اللطيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق